نحمدك اللهم على أن هديتنا صراطاً سويا، ونصلي ونسلم على سيدنا محمد الذي أنزلت عليه قرآنا عربياً، ورفعته في سماء السيادة والعظمة مكاناً عَلِيّا، وعلى آله وصحبه وكل من دعا إلى سبيلك مخلصاً تقياً، أما من زاغ عن الهدى، أو اتخذ من المضلين عضداً، فإليك إيابه، وعليك حسابه.
أيها السادة!
نحتفل بذكرى مولد أكمل الخليقة، وانما نحتفل بمطلع الهداية التي أخرجت العالم من الظلمات إلى النور، وعلمت البشر من وجوه الحكمة مالم يكونوا يعلمون. وخير الاحتفال بذكرى مولد المصطفى: أن نلقي على حضراتكم كلمات نقتبسها من سيرته السنية، وخلقه العظيم، وقد اخترت أن أجعل تذكرة بسعة صبره، ومتانة عزمه؛ فإنهما من أسمى الخصال التي بلغ بها الغاية من الدعوة، وما كان محمد - صلى الله عليه وسلم - يدعو إلا إلى سعادةٍ وإصلاحٍ ونظام.
أوحى الله إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - ما أوحى، فكان نور اليقين يسعى بين يديه، ويسيربه في سبيل الدعوة، فلا يسأم ولا ييئس، ولا يرهب سطوة غير سطوة
(١) مجلة"الفتح" - العدد ١١٣ من السنة الثالثة في ٢٩ ربيع الأول ١٣٤٧ هـ ١٣ سبتمبر ١٩٢٨ م القاهرة. محاضرة الإمام في ذكرى مولد النبي - صلى الله عليه وسلم -.