شرع الزواج لأغراض سامية نبيلة، ففي الزواج ابتغاء النسل الصالح، وفي النسل الصالح عزة وفخار للوالدين والأسرة والأمة، وفي الزواج الاستعانة على التحلي بأبهى خصلة من خصال المجد هي العفاف، وبالعفاف يسود الأمن، وتسلم علاقات التعاون والوفاق من الانقلاب إلى تناكر وشقاق، وفي الزواج التعاون على مرافق الحياة: الزوجة تدبر المنزل، وترعى الولد، والزوج يمد المنزل بما يسد حاجاته، ويقيم حوله سياجاً من المهابة والصيانة، وفي الزواج كسب صداقة أسرة؛ إذ ينعقد بينك وبين آل الزوجة رابطة المصاهرة، وقد تبلغ هذه الرابطة في قوتها وصفائها مبلغ قرابة ذوي الأرحام.
وهذه الأغراض الشريفة لا تنتظم على وجهها الصحيح، ولا تأتي بثمراتها الطيبة إلا أن تسير المعاشرة بين الزوجين في طريق الألفة وصفاء الود، ونحن عندما نتأمل في الأنظمة والآداب التي رسمها الإسلام لرابطة الزوجية، نجدها قائمة على رعاية هذه الغاية -أعني: حسن المعاشرة- أشد الرعاية.
كان للعرب في الجاهلية أنواع من النكاح مختلفة، فأبطل الإسلام ما كان
(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الأول والثاني من المجلد السادس عشر.