لأن علياً لم تكن منزلته في الشعر بالتي تؤهله لأن يقف أمام الشعراء الذين هاموا في كل واد، وذهبوا في صناعة الشعر كل مذهب. وهذا ما نفهمه من مساق القصة نفسها، فإن طلب الناس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأذن لعلي في أن يقول شعراً، يومئ بطرف غير خفي إلى أن له في نظم الشعر سابقة.
واتفق الرواة على أن للإمام علي شعراً، وإنما يختلفون في مقدار ما ينسب له، فمنهم من يبلغ به إلى ديوإن (١)، ومنهم من يرجع به إلى بيتين، قال المازني: لم يصح أنه تكلم بشيء من الشعر غير هذين البيتين وهما:
تلكم قريش تمناني لتقتلني ... فلا وربّك ما بروا ولا ظفروا
فإن هلكت فرهن ذمتي لهم ... بذات ودقين لا يعفو لها أثر
وقال المبرد في "الكامل": ومن شعر علي الذي لا اختلاف فيه:
يا شاهد الله عليَّ فاشهد ... إني على دين النبي أحمد
من شك في الله فإني مهتد
وهذا النظم وإن كان من الرجز قريب المأخذ، يدل على أن صوغه الكلام في غير الرجز من الأوزان ليس ببعيد.
* الشعر المنسوب إلى قائل غير معروف:
قال المصنف في (ص ٩٧): "فهذا أضفت إلى ما قدمنا: أنك تجد كثيراً من الشعر يضاف إلى قائل غير معروف، بل غير مسمّى، فتراهم يقولون مرة: قال الشاعر، وأخرى: قال الأول، وثالثة: قال الآخر، ورابعة: قال رجل
(١) يقال: إن هذا الديوان للشريف المرتضى صاحب الدرر والغرر "حسن الصحابة" (ص ١٠٢).