الآية بلفظها العربي، ويأخذ بعد ذلك في بيانها باللسان الآخر.
وصرح الغزالي في كتاب "إلجام العوام" بحرمة ترجمة الآيات المتشابهات، واستدل على ذلك بأن من الألفاظ العربية ما لا يوجد لها فارسية تطابقها، ومنها ما يوجد لها فارسية تطابقها، ولكن ما جرت عادة الفرس باستعارتها للمعاني التي جرت عادة العرب باستعارتها منها، ومنها ما يكون مشتركاً في العربية، ولا يكون في العجمية كذلك، ومثل الفارسية غيرها من لغات الأعاجم.
* تعدد أساليبها:
مما يشهد بارتقاء اللغة، وسعة غايتها في البيان: تعدد أساليبها، وكثرة طرق إفادتها؛ فإن العبارات إذا اختلفت في أساليبها تغاير ما تصوره في نفوس المخاطبين من المعاني، وإن كان الغرض واحداً، فصورة المعنى الذي يستفاد بطريق المجاز أو الكناية يغاير الصورة التي تؤدى بلفظ الحقيقة أو القول الصريح، بل الصورة التي يرسمها قولك: زيد كريم الطبع غير الصورة التي ينقشها قولك: زيد ذو طبع كريم، وإن اتحد أصل المراد من المثالين، وهو إثبات الكرم لطبع زيد، ولولا أن العبارات الواردة على غرض واحد مختلفة في صور معانيها، لم يظهر التفاوت والتسابق بينها في حلبة البيان.
وإذا قويت عارضة المتكلم في العربية، أمكنه أن يتصرف في الغرض الواحد، ويفرغه في أساليب مختلفة، كأن يلقيه في صورة تكلم أو خطاب أو غيبة يطابق به الحقيقة، أو يسلك به خلاف الظاهر على وجه الالتفات أو التجريد، أو ينشئ الطلب في صيغة الخبر، أو يحكي الخبر في صورة الانشاء، أو يدخل بعض كلمات في نظم الجملة؛ ليتقوى به نسجها، أو يفيد قيداً تتوفر به جزالة