الإمام أحمد -عدم علمه بالمخالف، الذي يسميه كثير من الناس: إجماعاً، ويقدمونه على الحديث الصحيح، وقد كذب أحمد من ادّعى هذا الإجماع، وكذلك الشافعي أيضا نصَّ في "رسالته الجديد" على أن ما لا يعلم فيه بخلاف لا يقال له: إجماع ... وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: ما يدّعي فيه الرجل الإجماع، فهو كذب، من ادّعى الإجماع، فهو كاذب، لعل الناس اختلفوا، ... ولكنه يقول: لا نعلم الناس اختلفوا، أو لم يبلغني ذلك. هذا لفظه .. ، فهذا هو الذي أنكره الإمام أحمد والشافعي من دعوى الإجماع، لا ما يظنه بعض الناس أنه استبعاد لوجوده".
فالإمام أحمد بن حنبل إنما ينكر على الفقيه أن يسمي عدم علمه بالخلاف: إجماعا، وعلى مثل هذا جرى ابن حزم في كتاب "الأحكام"، فقال: "تحكم بعضهم فقال: إن قال عالم: لا أعلم هنا خلافاً، فهو إجماع، وإن قال ذلك غير عالم، فليس إجماعاً. وهذا قول في غاية الفساد، ولا يكون إجماعاً، ولو قال ذلك محمد بن نصر المروزي" (١).
* المسلمون والسياسة:
قال المؤلف في (ص ٢٢): "من الملاحظ البين في تاريخ الحركة العلمية عند المسلمين: أن حظ العلوم السياسية فيهم كان بالنسبة لغيرها من العلوم الأخرى أسوأ حظ، وأن وجودها بينهم كان أضعف وجود، فلسنا
(١) محمد بن نصر المروزي (٢٠٢ - ٢٩٤ هـ = ٨١٧ - ٩٠٦ م) إمام في الحديث والفقه، كان من أعلم الناس باختلاف الصحابة فمن بعدهم، من مؤلفاته: "القسامة" في الفقه. ولد ببغداد، وتوفي بسمرقند.- انظر: "طبقات الشافعية الكبرى" لابن السبكي (ج ٢ ص ٢١).