وفي القرآن آيات تحتمل أوجهاً من الإعراب، ومن الواضح أن معنى الآية يختلف باختلاف وجه إعرابها، فقد يختار المفسر من الإعراب وجهاً يراه أليق بالبلاغة، أو أثبت بحكمة المعنى، ويكون هذا الوجه من الإعراب يستند إلى حكم عربي غير معهود لبعض أهل العلم، فيخشى إنكارهم لأن يكون هذا الوجه صحيحاً عربية، فيعمد إلى دفع هذا الإنكار بإقامة شاهد من لسان العرب على صحة ما ذهب إليه من الإعراب.
فالاستشهاد بالشعر على القرآن قائم على دصل معقولة، أما أن المستشهد يخطئ أو يصيب، يأتي بالمثل الصادق أو ينتحله، فذلك بحث آخر سنفصله لك في مقالة أخرى.
* من يحق له أن يفسر القرآن؟
قال المؤلف في (ص ٧٧): "وإنما هناك مسألة أخرى، وهي أن العلماء وأصحاب التأويل من الموالي بنوع خاص لم يتفقدا في كثير من الأحيان على فهم القرآن، وتأويل نصوصه، فكانت بينهم خصومات في التأويل والتفسير. وعن هذه الخصومات نشأت خصومات أخرى بين الفقهاء وأصحاب التشريع".
من يحق له أن يفسر القرآن طائفتان: طائفة لم تبلغ درجة الإجتهاد في الأحكام الشرعية؛ كشيبويه، والزجاج، والزمخشري، وطائفة بلغت درجة الاجتهاد؛ كالأئمة الأربعة، ومن المأخوذ في شروط المجتهد: أن يكون بمكانة راسخة في علوم اللسان؛ بحيث يتفقه في معنى الآية بنفسه، ويفصل الحكم على مقتضى علمه، ومتى وجد اختلافاً في حكم لغوي، جرد نظره لاستطلاع الحقيقة، ولا يقف وقفة الحائر، أو يستند إلى أحد الآراء على غير بينة.