بعض، فكرر عليهم عبارة الاقتراح، فقالوا: لا يمكننا صنع البواخر إلا بحضور أحد أساتذتنا، فأمر بصلبهم؛ ليكونوا عبرة لغيرهم من التلامذة، فلا يرجعون من تعليمهم حتى يبلغوا ما بلغت الأساتذة، ثم أقبل على التلامذة الثلاثة، وقال لهم: وأنتم أيضاً إن عدتم إلينا غير قادرين على العمل، فإنا نشنقكم، ونزل فاهتز النادي ضحكاً.
* احتفال علمي بتوزيع الشهادات:
ودعينا إلى الحضور باحتفال في مدرسة قرب الجامع الأموي أقاموه لتفريق الشهادات على تلامذتها. حضر هذا الاحتفال خلق كثير، وطائفة من العلماء وأرباب المناصب، مثل: الشيخ القاضي، والشيخ المفتي أبو الخير، والسيد نقيب الأشراف، وكان على جانب اليمين مني الشيخ صادق الميداني أحد العلماء الأذكياء، يجاذبني المحادثة والملاحظة في مظاهر الاحتفال، ويعرب لي بعض ما يلقونه من الخطب والمحاورات باللغة التركية.
ألقى التلامذة خطباً بالعربية، ثم التركية، ثم الفرنسوية، وأنشدوا قصائد حماسية؛ كقصيدة ابن سناء الملك التي يقول في طالعها:
سواي يهاب الموت أو يرهب الردى ... وغيري يهوى أن يعيش مخلداً
ثم عقدوا محاورات طريفة، منها: محاورة جرت بين تلميذين في التفاضل بين العلم والمال، ونصبوا تلميذاً ينظر في حججهما، ويتولى فصل الخلاف بينهما، وبعد أن نفض كل منهما ما في كنانته، قضي بتفضيل العلم على المال؛ فإن المال من نتائج المعارف.
ومن اللطائف في هذه المحاورة: أن التلميذ الذي كان يفاضل عن المال قال لمفضل العلم بعد فصل القضية: أستمنح منك العفو؛ فقد كنت أنازعك