للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في صحة مداركهم وأمانتهم العلمية.

* شكل حكومة الخلافة:

أرأيت المؤلف كيف أخرج الخلافة في تلك الصورة المنكرة، وأخذ يزدري بها، ويتمضمض بسبابها، ثانياً عطفَه عن النظر إلى حقيقتها التي رسمتها الشريعة، وضرب لها الخلفاء الراشدون بسيرتهم القيمة أحسن مثال.

وإليك هذه الحقيقة خالصة مطمئنة؛ لتعلم أنها قائمة على حكمة عالية، وسياسة عادلة:

يقرر جمهور أهل العلم في شروط الخليفة: أن يكون بالغاً في العلم رتبة الاجتهاد، وأن يكون ذا رأي وخبرة بتدبير الحرب والسلم، وأن يكون شجاعاً لا يرهب الموت الزؤام فما دونه، وأن يكون عادلاً لا تأخذه في الحق لومة لائم. وتُعرف مزية العدل باختبار سيرته، فيما كان يتولاه من أعمال قبل منصب الخلافة، أو بما تدل عليه التجارب والمشاهدة الطويلة من استقامته، وشرف همته، وإنكاره ما يفعل الظالمون بغيرة وحماسة.

ومن الأسس التي تقوم عليه الخلافة الشرعية: فريضة الشورى؛ بحيث لا يقدم الخليفة على أمر حتى يلقيه بين يدي أهل الحل والعقد، وتتناوله الآراء من كل جانب، ليتبين الرأي الراجح، ويذهب في سياسته على بينة وروية.

ولم يقف الإسلام عند تكليف الخليفة بإقامة فريضة الشورى، فأقبل على الأمة، ووضع في عنقها واجب مراقبة الخليفة ورجال دولتهم؛ لتقويمهم إذا انحرفوا، وإيقاظ عزمهم إذا أهملوا.

تحققت تلك الشروط من علم، وعدالة، وشجاعة، وحكمة رأي في