والتعاون عند قوله:"ورجلان تحابا في الله، اجتمعا على ذلك، وافترقا عليه", وشاهدنا من الحاضرين رغبة مفرطة، وإقبالاً زائداً على تلقي التعاليم الدينية.
* قسنطينة:
بارحت "عين البيضاء" في الساعة السادسة صباحاً، فوصلنا "قسنطينة" بعد مسير الرتل ست ساعات تقريباً، وأعدنا الاستطلاع على بعض معالمها الدينية، وآثارها القديمة والحديثة. بهذه المدينة مدرسة إسلامية معدة لتخريج القضاة والعدول، وثلاثة جوامع تقام فيها الجمعة: الجامع الكبير، والجامع الأخضر، والآخر يسمى: بجامع سيدي الكتاني، وفي هذا الجامع منبر من الرخام مرقوم فيه بيت من الشعر يتضمن اسم مؤسسه، وتاريخ تأسيسه، وهو:
بنى منبراً بالعزّ والنصر صالح ... له سبل الخيرات تاريخه رشد (١)
وأسس الجامع الأخضر سنة ١٢٥٦ هـ، وبها مكتبة عمومية تحتوي على عدة من الكتب المطبوعة المتداولة. والتقينا بأشهر علمائها الشيخ حمدان بن الونيسي الذي كان زار الحاضرة منذ عهد قريب. والعالم الشيخ أحمد بن الحبيبات، وهو رجل عليه سمة أهل الخير والصلاح، ولما حان وقت صلاة العشاء، ذهبت إلى الجامع الكبير، وبعد انقضاء الصلاة، رأيت جماعة مستديرة في جانب من الجامع، والناس يستبقون نحوها زمراً، فأخبرني بعض من معي بأن للشيخ حمدان درساً في التفسير، فدنوت منه، وأصغيت
(١) كلمة رشد مجموع حروفها بحساب الجمل عند المغاربة يساوي ر ٢٠٠ + ش ١٠٠٠ + د ٤ = ١٢٠٤