المكي بن عزوز في انتظارنا، وأقمنا بمحل حضرته "باشكطاش".
زرت جامع آية صوفيا، وشهدت به درسين يقرران باللسان التركي، أحدهما في التفسير، والآخر في الفقه.
ثم زرت جامع بايزيد، وشهدت به دروساً أيضاً باللسان التركي، ويقال: إن الشيخ الفناري الذي كان قاضياً بالآستانة، عاتب السلطان بايزيد على عدم حضوره الصلاة في الجامع، فأنشأ هذا الجامع؛ ليحرز فيه صلاة الجماعة.
* الكلام على الحلول والاتحاد:
وزرت مكتبة راغب باشا، فلقيت بها الشيخ أحمد باي أحمد علماء بغداد، أخبرني أنه طالع "الفتوحات المكية" مرات عديدة، وزاول الكتب العالية في الأصول والحكمة والبلاغة، واتفق أن لم يبسط في هذا المجلس سوى الكلام على الحلول والاتحاد الذي ينسب للصوفية، وقال: إن المعترضين لم يفهموا مرادهم، وأخذ يقرر محاضرين باللسان التركي، فالتفت نحوي أحدهم، وقال لي: مالك لا تتكلم في هذه المسألة؟ فقررت حينئذ ما أعهده للشيخ أبي عبد الله محمد بن قاسم البكي في شرح عقيدة أبي الحاجب، وذلك أقرب ما يفهم، وأوجز ما علق بذهني في هذا المطلب، وهو أن من الناس من ينسب القول بالاتحاد والحلول إلى الصوفية، بل إلى الكل منهم، كما وقع ذلك للشيخ أبي حامد في كتبه، أخذاً من ظاهر كلام الأشياخ؛ كأبي يزيد البسطامي، وهذا إنما يتوهمه فيهم من ليس له اطلاع على أحوالهم، على أنه لم يرد في اصطلاح القوم شيء من إطلاق الحلول والاتحاد، إلا ما وقع في اصطلاح المتأخرين؛ كالشيخ ابن الفارض ومن معه من إطلاق لفظ الاتحاد، وأما الحلول، فلم يطلقه أحد، ومراد الشيخ ابن الفارض في الاتحاد: ما ذكره بعض المتأخرين