الجاهلية أثراً واضحاً، فإن لم يتلق هذا المنحول من عربي فصيح، (وهو النوع الثالث)، لم يعتد به في اللغة، أو حياة الجاهلية، وإنما يروى لما فيه من حكمة أو بلاغة.
ولعل المؤلف لا يدري هذا السبيل الذي يسير عليه أهل العلم في الشعر الجاهلي، فنزع به قلمه هذه النزعة الشائنة، وأراد أن يجعل لشكّه قيمة، ويضعه موضع الأساس الذي ستقوم عليه علوم الأدب العربي.
* نفي الشعر الجاهلي لا يمس القرآن بسوء:
قال المؤلف في (ص ١٨٢): "ولسنا نخشى على هذا القرآن من هذا النوع من هذا الشك والهدم بأساً، فنحن نخالف أشد الخلاف أولئك الذين يعتقدون أن القرآن في حاجة إلى الشعر الجاهلي لتصح عربيته، وتثبت ألفاظه. نخالفهم في ذلك أشد الخلاف؛ لأن أحداً لم ينكر عربية النبي فيما نعرف، ولأن أحداً لم ينكر أن العرب قد فهموا القرآن حين سمعوه تتلى عليهم آياته. وإذا لم ينكر أحد أن النبي عربي، وإذا لم ينكر أحد أن العرب قد فهموا القرآن حين سمعوه، فأي خوف على عربية القرآن من أن يبطل هذا الشعر الجاهلي، وهذا الشعر الذي يضاف إلى الجاهليين؟! ".
لا يخطر على بال أحد أن نفي الشعر الجاهلي من الأرض يمس القرآن بسوء؛ فإن العلماء الذين قاموا على تفسير مفرداته قد رجعوا في بيانها إلى شعر أو نثر سمعوه من العرب الخلّص، وسواء عليهم أكان هذا الشعر أو النثر صدر من الإسلاميين، أم كان مضافاً إلى الجاهليين بحق أو بغير حق. وهذا حال ما يتمسكون به في قواعد النحو، فإن هذه القواعد لن تزال ثابتة، ولو قامت الآيات البينات على أن هذا الشعر الذي يضاف إلى الجاهليين