وقد أراد بعضهم أن يذكر علة لدخولها على اسم خبرُه اسم، وعدم دخولها على اسم خبرُه فعل؛ فقال: لأن"هل" إذا لم تر الفعل في حيزها، تسلت عنه ذاهلة، وإن رأته في حيزها، حنت إليه سابق الألفة، فلم ترض حينئذ إلا بمعانقته. وكلام هذا النحوي وهو يقرر حقيقة علمية لا يختلف عن قول الشاعر وهو يسبح في لجج من الخيال:
كهل إذا ما رأت فعلاً بحيزها ... حنت إليه ولم ترض بفرقته
* أقسام قياس العلة:
لقياس العلة أقسام ثلاثة:
أحدهما: قياس الأولى، وهو أن تكون العلة في الفرع أقوى منها في الأصل، ومثال هذا: أن صاحب "الكافية" أجاز في نحو اغضضْنَ أن يقال: غُضْنَ، قياساً على قول العرب في نحو "اقرِرْن": قَرْنَ، بحذف أحد المثلين، وعلة هذا القياس: طلب التخفيف، ولكن فك المضموم في نحو اغضضن أثقل من فك المكسور في نحو اقررن، وإذا فر من فك المكسور إلى الحذف ابتغاء التخفيف، ففعل ذلك بالمضموم أحق بالجواز.
ثانيهما: قياس المساوي، وهو أن تكون العلة في الفرع والأصل على سواء، ومثاله: أن يقول من منع تقديم خبر ليس عليها: لا يجوز تقديم خبرها عليها، قياساً على عسى؛ فإنه لا يجوز تقديم خبرها عليها، وعلة المنع عدم تصرف الفعل، وهذه العلة يستوي فيها الفعلان ليس وعسى.
ثالثهما: قياس الأدنى، وهو أن تكون العلة في الفرع أضعف منها في الأصل، ومثاله: أن اسم الزمان المضاف إلى الفعل الماضي يجوز بناؤه