الإجماع على نصب الإمام، وكانت نتيجة البحث -فيما يتخيل- أن لا دليل على الخلافة من كتاب أو سنّة أو إجماع.
ثم عجم الدليل النظري القائم على قاعدة رعاية المصالح، فلم يهتد إلى شبهة لإنكاره، فاعترف به، ولكن ذهب إلى أنه يقتضي إقامة حكومة، ويبقى شكلها دائراً بين الدستورية والاستبدادية، والجمهورية والبلشفية، وغير ذلك.
وذهب إلى أنه لا يوافق العلماء على الإمامة إلا أن يريدوا بها: الحكومة في أي صورة كانت، ثم انساب في ذيل البحث يقذف الخلافة بغير استثناء، ويحمل عليها أوزار قوم أطفؤوا نورها، وأسقطوا من القلوب مهابتها، وقفل الباب بزعم أن الإمامة العظمى لم تكن شيئاً قام على أساس من الدين القويم، أو العقل السليم.
* المناقشة - بحث في الاحتجاج بالإجماع:
قال صاحب الكتاب (ص ٢٣): "نسلّم أن الإجماع حجة شرعية، ولا نثير خلافاً في ذلك مع المخالفين".
من أول ما عني به الإسلام في تشريعه: أن أطلق العقول من وثاق التقليد، وفتح أمامها باب النظر؛ حتى تعبر إلى قرارة اليقين على طريق الحجة والبرهان، قال تعالى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإسراء: ٣٦]، وقال:{إنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[النجم: ٢٨].
وقد جرى علماء الإسلام، ولا سيما السلف الصالح، على هذا المنهج، فكانوا لا يتابعون ذا رأي على رأيه، ولا يتقلدون حكماً قبل أن يعلموا مستنده، وإذا عرفوا المستند، عرضوه على قانون الأدلة السمعية، ووزنوه بميزان النظر؛