التي فتحها الله له ولاة لإدارة شؤونها وتدبير أحوالها.
وتعدى إلى ما بعد القضاء والولاية من العمالات التي تتصل بالأموال ومصارفها، وحراسة الأنفس والأموال، وغير ذلك مما لا يكمل معنى الدولة إلا به، ومسح عليه من صبغة اللبس والإبهام ما اتخذه ذريعة إلى مخادعة السذّج من قراء كتابه، وجرّهم إلى الاعتقاد بأن الحكم في زمن النبوة كان جارياً على غير نظام، وختم الباب بدعوى أن تفكيره في حال القضاء وغيره من أعمال الحكم والولايات قد انتهى به إلى مجال مشتبه حائر، فإذا هو إزاء عويصة أخرى، ومعضلة كبرى، وهي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان صاحب دولة سياسية، ورئيس حكومة؛ كما كان رسول دعوة دينية، وزعيم وحدة دينية أم لا؟
* النقض - بحث القضاء في عهد النبوة:
قال المؤلف في (ص ٣٩): "لاحظنا إذْ كنا نبحث عن تاريخ القضاء زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن حال القضاء في ذلك الوقت لا يخلو من غموض وإبهام يصعب معهما البحث، ولا يكاد يتيسر معهما الوصول إلى رأي ناضج، يقرّه العلم، وتطيب به نفس الباحث".
عرف الذين أوتوا العلم أن القضاء حقيقة شرعية، فرجعوا في تقرير أحكامه ورسم خطته إلى أصول الشريعة بأجمعها، فأحكموا صنعه، وأقرّوا عين العدالة بما فصّلوه من أحكام وآداب ونظام، ولكن المؤلف يريد اصطياد السذج من قراء كتابه، واستهواءهم "إلى غاية ذلك المجال المشتبه الحائر"، فلفت قلوبهم عن تلك الأصول القائمة، وأخذهم إلى تعرُّف حال القضاء مما بحث عنه في هذا الباب، وجنح إلى إنكاره، وهو توليته - عليه