الحديث عن عبد الرحمن الداخل مؤسسِ الدولة الأموية في الأندلس، يستدعي كلمة موجزة في الحالة السياسية بتلك البلاد؛ لنعلم كيف تهيأت الأسباب لتبوئه عرش إمارتها.
عين الوليد بن عبد الملك موسى بن نصير عاملاً لإفريقية، وكانت عاصمة إفريقية يومئذ القيروان، فسار موسى بن نصير من القيروان، فوطَّد الأمن ببلاد المغرب، واستعمل على "طنجة" وما والاها تابعه طارق بن زياد، ثم قفل راجعاً إلى القيروان.
وبعد عودته كتب إلى طارق ياذنه في المسير إلى فتح الأندلس، فجهز طارق جيشًا يقال: عدته اثنا عشر ألفاً، واجتاز البحر إلى إسبانيا، ونزل بمكان يعرف الآن بجبل طارق، وبعد أن تجاوز البحر، أحرق السفن، وقال في خطبة
خطبها:
"أيها المجاهدون! لقد آن الأوان، فالعدو أمامنا، والبحر خلفنا، ولم يبق إلا الموت، فاختاروا إحدى الموتتين"، فاختار المسلمون الجهاد، فاختار لهم الله النصر، وفتحوا بلاداً كثيرة في مدة قليلة.
(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء السابع من المجلد الثامن.