ولا ضيفنا عند القرى بمدفَّعٍ ... وما جارنا في النائبات بمسلَمِ
وقال:
يواسون مولاهم في الغنى ... ويحمون جارهم إن ظُلم
وقال حسان بن نشية:
أبوا أن يبيحوا جارهم لعدوهم ... وقد ثار نقع الموت حتى تكوثرا
وكان لأبي حنيفة جار بالكوفة، إذا انصرف من عمله، يرفع صوته في غرفته مغنياً:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر
فيسمع أبو حنيفة غناءه بهذا البيت، فاتفق أن أخذ الحرس في ليلة هذا الجار وحبسوه، ففقد أبو حنيفة صوته تلك الليلة، وسأل عنه من الغد، فأخبروه بحبسه، فركب إلى الأمير عيسى بن موسى، وطلب منه إطلاق الجار، فأطلقه في الحال، فلما خرج الفتى، دعا به أبو حنيفة، وقال له سراً: فهل أضعناك يا فتى؟ قال: لا، ولكن أحسنتَ وتكرمت، أحسن الله جزاءك:
وما ضرَّنا أنَّا قليل وجارُنا ... عزيزٌ وجارُ الأكثرين ذليلُ
* الإحسان إلى الجار:
لا يكفي الرجلَ في حسن الجوار أن يكف أذاه عن الجار، أو يدفع عنه بيده أو جاهه يداً طاغية، بل يدخل في حسن الجوار: أن يجامله بنحو التعزية عند المصيبة، والتهنئة عند الفرح، والعيادة عند المرض، والبداءة بالسلام، وإرشاده إلى ما ينفعه بعلمه من أمر دينه وديناه، وأن يواصله بما استطاع من إكرام.