للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكتبون هجاءهم لقريش، ويحرصون على ألا يضيع".

حديث أن الأنصار كانوا يكتبون أشعارهم مما حدثه به صاحب "الأغاني" في رواية هذه القصة نفسها، وقد طوى المؤلف الرواية دونه، وأتاك به في صورة ما لا شك فيه؛ ليكون قبولك له أسرع، وثقتك به أشد. وإذا كتب الأنصار أشعارهم، فليس من المتعين أن يكون حرصهم على كتابتها من جهة أنهم "يجدون في ذلك من اللذة والشماتة ما لا يشعر به إلا صاحب العصبية القوية". فمن المحتمل أن يكون الذين كتبوها إنما يريدون الاحتفاظ بها؛ لأنها نتيجة أعمال فكرية، وكل إنسان يعز عليه إهمال آثاره، أو آثار قومه الأدبية، ومن المحتمل أن يحرصوا على كتابتها؛ لأنها آثار تشهد بأنهم جاهدوا في إعلاء كلمة الإسلام بكل ما ملكوا من بسالة وبلاغة، ومن الملائم لسيرة عمر بن الخطاب - متى صحت الرواية- أن يكون إذنه لهم بكتابتها نظراً إلى هذا الوجه الذي يجعلها أمراً مشروعاً.

* حديث عن العصبيات:

قال المؤلف في (ص ٥٤): "ولما قتل عمر، وانتهت الخلافة بعد المشقة إلى عثمان، تقدمت الفكرة السياسية التي كانت تشغل أبا سفيان خطوة أخرى، فلم تصبح الخلافة في قريش فحسب، بل أصبحت في بني أمية خاصة. واشتدت عصبية قريش، واشتدت عصبية الأمويين، واشتدت العصبيات الأخرى بين العرب، وقد هدأت حركة الفتح، وأخذ العرب يفرغ بعضهم لبعض، وكان من نتائج ذلك ما تعلم من قتل عثمان، وافتراق المسلمين، وانتهاء الأمر كله إلى بني أمية بعد تلك الفتن والحروب".

استنبط المؤلف من تاريخ أبي سفيان: أنه حين أظلته خيل النبي - عليه