للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنافع لأشخاصهم، بدون احترام للحقوق، ولا مبالاة بسوء العاقبة، فقلت له: ومن وجوه تفسير الآية: أنها واردة على معنى: أمرناهم بالعدل، وما فيه تقوى، ففسقوا بالجور واتباع الشهوات، فقال: نعم، قيل هذا، ولكني أفضل الوجه الأول في التفسير، والوجه الذي ذكرناه صدر به الرازي، ونسبه إلى الأكثر.

* فضيلة الاتحاد:

جذبني إلى الكلام في فضيلة الاتحاد، فقلت: إن الاختلاف طبيعة بشرية لا تخلو عنه هيئة مجتمعة؛ فإن أسبابه من الأعراض اللازمة للهيئات الاجتماعية، وترجع هذه الأسباب إلى أمرين:

أحدهما: تفاوت في إدراك الحقائق؛ فقد تبصر هذه الطائفة الصلاح في عمل، فتقبل عليه بسعي حثيث، ويقصر عنه نظر طائفة أخرى، فتغمض عنه أجفانها، وتأخذ بيد غيرها إلى الإدبار عنه.

ثانيهما: تفريق الأهواء؛ فقد تستوي أنظار الطائفتين في العلم بالمصلحة، ولكن تبتلى إحداهما بهوى غالب، يطيش بها إلى لذة خاصة، ويقطعها عن الأخذ بالمصالح المشتركة.

وإذا كانت أسباب الخلاف في الآراء والمساعي طبيعة بشرية، فالساعي إلى الاتحاد لا يقصد بدعوته أن ترضى الأمة عن كل رأي ينشر، أو تلتئم مع كل جمعية تؤلف؛ بحيث ترخي ذيل التغاضي عما يعرض في الآراء من الخطأ، أو توسع قبولها لكل ما يصدر عن الجمعيات من الأعمال، وإنما يريد فيما ينصح: أن تتحرى الأمة العمل على شاكلة الوفاق، وإذا فتّتهم طبيعة اختلاف العقول، أو تغلب الأهواء في شعبة، وقفوا عند حد لا يشرف بهم على خاتمة سيئة.