افتكرت في المنهج الذي نتبعه في تحرير الدرس، فسبق لي استحسان إبرازه في الأسلوب المتعارف في جامع الزيتونة، فلا أسلّ يدي من تقرير ما يناسب من مباحث عربية أو أصولية، أو أحكام فرعية؛ لأن المقترحين للدرس أزهريون.
أتينا صباح يوم السبت على المسجد الذي ابتدعه عبد الرحمن بن الشيخ عليش - رحمه الله - وشاهدنا بأعيننا ما رسمه في أعلى مفتحه بالقلمين الأفرنجي والعربي، وأنكره عليه علماء الإسلام. ثم مضينا للوفاء بموعد الشيخ عبد المعطي السقا، فجاز بنا إلى داخل منزله، وأهداني كتاباً حافلاً ألَّفه فضيلة جده المنعم في فضل عمارة المساجد، وللشيخ عبد المعطي عناية كبرى بالفحص عن التآليف النادرة، والسعي الحثيث في تحصيل ما نشرته المطابع في البلاد القاصية. وقد تفضل عليّ بردّ الزيارة، فاتفق أن كنت في خارج المنزل، فكتب بطاقة يشعرني فيها بزيارته، ويتأسف لعدم الملاقاة، وأودعها لدى ناظر "الكلوب".
* تعليم الصبيان:
ذهبت إلى الجامع الأزهر لأذان العصر، وانتدبت للتحية مكاناً بين مجمعين لتعليم القرآن، فانشق صدري أسفاً لأحد المعلمين؛ إذ كان لا يضع العصا من يده، ولا يفتر أن يقرع بها جنوب الأطفال وظهورهم بما ملكت يده من القوة، وربما قفز الصبي آبقاً من وجع الضرب الذي لا يستطيع له صبراً، فيثب في أثره بخطوات سريعة، ويجلده بالمقرعة جلداً قاسياً، حتى قلت لأزهري كان بجني: من جلس إزاء هذه المزعجات، فقد ظلم نفسه. وذكرت أني كنت ألقيت خطبة في أدب تعليم الصبيان ببلد بنزرت (١) حالما كنت
(١) مدينة على الساحل التونسي تولى الإمام القضاء فيها عام ١٩٠٥ م.