نحتفل الليلة بذكرى قصة خطيرة، كان لها أثر عظيم في إصلاح العالم، وإخراجه من ظلمات الجهالة إلى نور العلم، ومن الهمجية القاتمة إلى المدنية الزاهرة، وهذه القصة هي هجرة الرسول الأعظم - صلوات الله عليه - من مكة المكرمة إلى طيبة الغراء.
بُعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين مشركي قريش، وقد ملئت صدورهم غواية، ولبسوا من تقليد آبائهم الضالين سرابيل غليظة خشنة، فقام يدعو إلى نبذ عبادة الأوثان، والعود إلى فطرة الله التي فطر الناس عليها، وهي التوحيد الخالص، ويهديهم سبيل العمل الصالح. فقاموا في وجه هذه الدعوة الصادقة يصدون عن سبيلها، ويبالغون في إيذاء من يتقبلها، فكانت مناوأتهم لها، وبذل الجهد في صرف الناس عن قبولها، من أسباب قلة انتشار الإسلام وظهوره أيام مقامه - صلى الله عليه وسلم - بأرض مكة، والآذان التي تألف دعوة الحق لأول ما تطرقها، أو الفطر السليمة التي تعرف من لهجة صاحبها أنه محق، ليس بكثير.
(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الثامن من المجلد الثاني عشر الصادر في شهر صفر ١٣٥٩ - مارس ١٩٤٠.