للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الحكمة من قوانين الشريعة؛ فإن الاطلاع على ذلك مما يزداد به القلب اطمئناناً، ويقوى به اليقين ارتباطاً، ولكن الغرض الذي نرمي إليه: أنها على فرض أن نبحث عن حكمة عمل شرعه الدين، ولم يظهر لنا سره واضحاً، فإنا نفوض العلم بحكمته إلى شارعه الذي قام الدليل على أنه عزيز حكيم، ولا يكون عدم اطلاعنا على الحكمة خادشاً في الاعتقاد بصحته، وانطباقه على رسم الصواب.

فإذا ناظرنا أجنبي عن الدين في عمل مشروع، فلا يأخذنا الخجل، أو تحوم حول قلوبنا الشبهة، إذا قصرنا أن نكشف له عن حكمة جلية تقع لديه موقع القبول.

* فراق دمشق:

عزمت على السفر من دمشق يوم الاثنين في شوال (١)، وزارنا قبل أن أبارح المنزل بساعة الفاضل الأمير عبد الله، يرافقه السيد الصادق المحمودي التونسي، وكان هذا الاجتماع آخر عهد بلقاء أولئك الفضلاء.

امتطيت الرتل، فأخذ يرغو ويضع، ويحمل ويضع، وكان فراق العائلة قد أخذ يلسع الحشاشة بذبالة ناره حتى قلت:

لئن صعدت حرّاء أنفاس راحلٍ ... رمى شمله قوس من البين راشقُ

فما لي أراك اليوم يا رتلُ ناحباً ... وشملك إذ تطوي الفلا متناسقُ

* المبيت في المريجات:

وحيث غادرنا دمشق، وما برح بعض الأمراض يتعهدها، قضينا أربعة


(١) من عام ١٣٣٠ هـ.