وقال ياقوت في "معجم الأدباء": وقد أصاب كل واحد منهما؛ فإن الموضعين غاية في الحسن، وإنما كان ما ذهب إليه أبو الفرج أحسن.
والحق أن الصنعة فيه تأسست بقوله:"رأى خلتي من حيث يخفى مكانها"، ولكن المعنى الحسن لم يتم إلا بقوله:"فكانت قذى عينيه".
ونظيره قول ابن هرمة في مدح المنصور:
له لحظاتٌ في خفايا سريره ... إذا كرها فيها عقاب ونائل
فقد تأسست الصنعة بقوله:"له لحظات في خفايا سريره"، وتم المعنى المطرب بقوله:"إذا كرها فيها عقاب ونائل "، ولولا هذه التكملة، لكانت الصنعة ناقصة.
فالشعر الجيد له يد في الدعوة إلى سبيل الحق، والأخلاق الفاضلة؛ كشعر حسان بن ثابت في صدر الإسلام ومن بعده، وإلى هذا يشير أبو تمام بقوله:
ولولا خلالٌ سنَّها الشعر ما درى ... بغاةُ العلا (١) من أين تؤتى المكارمُ
* آثار الشعر:
وقد يقرب الأديب منزلة من الخليفة أو الملك أو الوزير، فيضعه في منصب عال، أو يمنحه أموالاً طائلة، وقد ينجو الأديب من عقوبة من يقدر على عقوبته؛ كما نجا ابن الأنباري ببلاغة قصيدته:"علوٌّ في الحياة وفي الممات " من عقوبة عضد الدولة.