يحسب أن القائمين عليها إنما يرمون إلى غاية أوسع، وهي الاحتفاظ بأصول هذه اللغة الراقية وآدابها.
فعلماء العربية كانوا يرون أن الاحتفاظ بمعاني التنزيل ومقاصد الشريعة في الاحتفاظ بعلوم اللغة وآدابها، وكانوا -مع هذا- يطلقون أعنتهم في البحث إلى ما يسعه الإمكان، وكان درسهم لآداب اللغة ناظرين إلى أنها وسيلة من وسائل فهم الكتاب الحكيم، لا يقل فائدة عن درسهم لها من حيث إنها آداب لغة راقية.
أما عدم احتفال أصحاب الجد من المسلمين بالقصص، فلعلهم كانوا يرون أن في القرآن والحديث، وآثارِ الذين أتوا الحكمة الصادقة ما لو تناوله خطيب، أو محاضر يعرف مزل من يخاطب، ويدري أين يضع بيانه، لرأى الناس أمة يمكنها أن تزن بالواحد منها مدّة من هؤلاء الذين يقرؤون القصص صباحاً، ويشهدون مجامعها عشياً.
* وضع الأحاديث:
ذكر المؤلف أن للقصص أربعة مصادر:
أولها: القرآن، وما يتصل به من الأحاديث والروايات. ثانيها: ما كان يأخذه القصاص عن أهل الكتاب. ثالثها: ما كانوا يستقونه من الفرس. رابعها: ما يمثل نفسية الأنباط والسريان ومن إليهم من الأخلاط. ولا يستطيع المؤلف أن ينسج على منوال الباحث الذي يسوق حديثه إلى غاية واحدة، فانصرف من ذكر المصدر الثاني.
إلى أن قال في (ص ٩٤): "وليس ينبغي أن ننسى هنا تأثير أولئك اليهود والنصارى الذين أسلموا، وأخذوا يضعون الأحاديث، ويدسونها مخلصين