للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عادل" (١)، وحديث: "إنما الإمام جُنة يُقاتل من ورائه، ويُتقى به، فإن أمر بتقوى الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وعدل، كان له بذلك أجر، وإن يأمر بغيره، كان عليه منه" (٢).

فهذه الأحاديث الواردة في أغراض شتى، وأسانيد مختلفة، وكلها تدور حول الإمام، فتبين مسؤوليته، وتأمر بالوفاء ببيعته، وإطاعته، وملازمته، وقتل من يحاول الخروج عليه، وتصف الأئمة، وتفرق بين خيارهم وشرارهم، هذه الأحاديث إذا وقعت في يد مجتهد يتبصر في حكمة أمرها ونهيها ووصفها، لا يتردد في أن الإمام أمر حتم، وشرع قائم، ولا يصح أن يكون هذا الحق إلا من قبيل الواجب.

فقول المؤلف: إن السنّة أهملت الخلافة، جراءةٌ يلبسها من خرج ليقطع الطريق في وجه الحقائق، حتى تدرج عليه الآراء الفجّة، وأوضاع التي لم تزل في طور التجربة والاختبار.

* الإجماع والخلافة:

وأما الإجماع، فقد أريناك وجه حجيته فيما سبق، وبيّنا لك أنه دليل قاطع؛ لأن شواهده عدّة في دلائل الشريعة جاءت في موارد شتى من الكتاب والسنّة، وهذه الشواهد إن كان كل واحد منها يفيد ظناً راجحاً، فإن مجموعها يفيد علماً راسخاً، ونظيره التواتر في إفادة القطع، وهو مؤلف من أخبار آحاد لا يفيد كل واحد منها بانفراده شيئاً يتعدى مراتب الظنون.

وتقرير الإجماع في قضية الخلافة الذي لا يزال علماء الإسلام يلهجون


(١) "الموطأ بشرح الزرقاني" (ج ٤ ص ١٦٩) طبع بولاق.
(٢) "مسلم" (ج ٦ ص ١٧).