وإدراك الفقيه منزلة الاجتهاد في علم اللسان العربي لا يستدعي زماناً واسعا جداً، حتى يقال: إن اشتراطه إقامةٌ لعقبة كؤود في سبيل الاجتهاد في الأحكام، فإن الذي يقتضي بحثاً متواصلاً، وزمانًا قد يأتي على معظم العمر، هو التوغل في هذه العلوم، وتقصي آثارها، ثم التوسع في بسط أدلتها، وتفصيل أحكامها، وهذا أمر زائد على إحراز ملكة قوية، وبصيرة نافذة، يرجع إليها عند الحاجة إلى تحقيق بحث، أو تفصيل خلاف.
فلا يصح أن تكون خصومات المجتهدين الذين سماهم المؤلف: أصحاب التشريع، ناشئة عن خصومات أصحاب التأويل من الموالي أو غير الموالي؛ فإن المجتهد لا يشق بتأويل غيره، وإنما يبني الحكم على ما يفهمه من الآية بنظر مستقل.
* المعتزلة والشعر الجاهلي:
انساب المؤلف يتحدث عن كثرة ما ينتحل العلماء من الشعر الجاهلي. وق الذي (ص ٧٨): "فالمعتزلة يثبتون مذاهبهم بشعر العرب الجاهليين، وغير المعتزلة من أصحاب المقالات ينقضون آراء المعتزلة معتمدين على شعر الجاهليين، وما أرى إلا أنك ضاحك مثلي أمام هذا الشطر الذي رواه بعض المعتزلة؛ ليثبت أن كرسي الله الذي وسع السماوات والأرض هو علمه، وهذا الشطر هو قول الشاعر "المجهول طبعاً": "ولا بكرسيّ (١) علم الله مخلوق".
(١) كذا في كتاب "الشعر الجاهلي"، ولعله تحريف من الناسخ، والصواب: "يكرسئ" بصيغة الفعل.