مذكرة مرفوعة من جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم عبد العزيز آل سعود عند زيارته مصر (١)
إن فرنسا -يا صاحب الجلالة- هجمت على بلاد الجزائر منذ مئة وسبع عشرة سنة، ودافعها أهلها بحروب نظامية استمرت نحو سبع عشرة سنة، ولما تغلبت عليهم بكثرة الجند ووفرة السلاح، بسطت عليهم سلطانها، وانتزعت منهم جميع حقوقهم الحيوية والسياسية، بل اعتبرت ذلك القطر قطعة من فرنسا، وجعلت النظر في شؤونه يرجع إلى وزارة الداخلية بباريس، بالرغم من أن قوميته ولغته عربية، وأن دينه الإسلام.
ثم هجمت على البلاد التونسية منذ ست وستين سنة، وقدمت لأميرها محمد الصادق بأي معاهدة وقع عليها مكرهًا، بين مدافع فاغرةٍ أفواهَها إلى القصر، وجنود مدجَّجين بالسلاح، ولم تقف عند هذه المعاهدة المغصوبة، بل قبضت على زمام الإدارة، ولم تدع كبيرة ولا صغيرة من شؤون البلاد إِلا وكلت التصرف فيها إلى طاغية من الفرنسيين، وإذا ألقيت إلى بعض الوطنيين منصباً في الحكومة، فإنما هو عمل صوري، والحقيقة أن الفرنسيين لا يتركون للوطنيين في سياسة المملكة شيئاً من الأمر.
(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزآن التاسع والعاشر من المجلد الثامن عشر الصادران في الربيعين ١٤٦٥ هـ - القاهرة.