قال كاتب المقال:"نستطيع بعد هذا أن نستخلص للنبي - صلى الله عليه وسلم - شخصيات متعددة: شخصية الرسول، وشخصية الإمام العام، وشخصية المفتي، وشخصية القاضي".
قال شهاب الدين القرافي في كتاب "الفروق"، وكتاب "الأحكام" في الفرق بين الفتاوى والأحكام: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يتصرف بالتبليغ، وبالفتوى، وبالقضاء، وبالإمامة، وفرق بين الأربعة في التعريف، فقال: الرسالة: أن يوصل إلى الناس ما أمره الله تعالى بإبلاغه، والفتوى: إخباره عن الله تعالى بما يجده في الأدلة من حكم الله تعالى، فهو كالمترجم عن الله -عَزَّ وَجَلَّ-، والقضاء: إلزام من قبله - صلى الله عليه وسلم - بحسب ما نتج من الأسباب والحجاج، والإمامة: ولاية أمر السياسة العامة في الناس، وضبط معاقد المصالح، ودرء المفاسد، وقمع الجناة، وقتل الطغاة، وتوطين العباد في البلاد.
وحقق العلامة ابن الشاط في "حواشيه على الفروق" هذا التقسيم، فقال: إن المتصرف في الحكم الشرعي إما أن يكون تصرفه فيه بتعريفه، وإما أن يكون تصرفه بتنفيذه، فان تصرف فيه بتعريفه، فذلك هو الرسول إن كان هو المبلغ عن الله تعالى، وتصرفه هو الرسالة، وإلا، فهو المفتي، وتصرفه هو الفتوى، وإن كان تصرفه فيه بتنفيذه، فإما أن يكون تنفيذه ذلك بفصل وقضاء، فهو القاضي، وتصرفه هو القضاء، وإن لم يكن بفصل وقضاء، فهو الإمام، وتصرفه الإمامة.
وسترى فيما يأتي الفرق بين قصد الكاتب ووجهته من ذكر هذا التقسيم، وقصد هؤلاء العلماء ووجهتهم.