يجري الإنسان في أعماله على وفق ما يريده من أوضاعها وهيئاتها، وللإرادة صلة بالعقائد تصفو لصفائها، وتخبث لخبثها، فالإيمان بيوم البعث والجزاء تنشأ عنه إرادة فعل الخير؛ كالانتصار للمظلوم، أو إيثار ذي الحاجة، دون انتظار جزاء أو شكور في هذه الحياة. والجحود بعلاّم الغيوب إنما يكون مثار الإرادات الذميمة، ويزين لصاحبه أن يعقد نيته على ارتكاب الفحشاء والمنكر، إن لم يكن علناً، فمن وراء ستار، فإذا زاغت العقائد، كانت أعمال صاحبها بمنزلة من يرمي عن قوس معوجة، أو يضرب برمح غير مستقيم:
وإذاكان في الأنابيبِ حيفٌ ... وقعَ الطيشُ في صدور الصِّعادِ
وإذاً، يجب على الداعي أن يوجه عنايته إلى محو المزاعم الباطلة، وربط قلوب الناس بالاعتقاد الصحيح.
وللطباع الراسخة أثر في المسابقة إلى الأعمال، أو التباطؤ عنها؛ كسجية الكرم تنهض بالأمة إلى إنشاء الجمعيات العلمية، وتبسط أيديهم بالبذل في سبيل المشروعات الخيرية.
ومما ينبهك على أن للأخلاق سلطاناً على الإرادة: أنك ترى المسلم يعتقد بفريضة الزكاة، ويقرأ ما يناله في تركها من عذاب، ثم لا يكون منه إلا