نود من صميم أفئدتنا أن نفرغ بأقلامنا ومحاضراتنا للعمل على رقي شعوبنا، وإصلاح شؤوننا، ونود من صميم أفئدتنا أن نقضي صباحنا ومساءنا في البحث عن وسائل خلاصنا من أذى السلطة الغربية عن أوطاننا، ولكن نفرًا جلسوا على رأس الفتنة وهي نائمة، وجلسوا يهمزونها بنزق وغرور، ولو صرفنا النظر عن ناحيتهم، وتركنا حبلهم على غاربهم، لهبطوا بكثير من شبابنا في خسار يهتز له قلب عدوهم شماتاً وفرحاً، والنفوس التي تتزحزح عن الإيمان قيد شعرة تبعد عن مراقي الفلاح سبعين خريفاً.
فلا بد إذن من أن نكون على مرقبة من دعايتهم، وننفق ساعات في التنبيه على أغلاطهم؛ لعلهم ينصاعون إلى رشدهم، أو لعل الأمة تحذر عاقبة هذا الذي يبدو على أفواههم.
ننسى ولا ننسى كاتباً صنع في العظمة مقالاً لا أصفه في مقامي هذا إلا أنه خواطر لم تبلغ من أدب البحث سؤلها.
(١) مجلة "الفتح" - العدد ٦٨ من السنة الثانية ١٣٤٦ هـ - ١٩٢٧ م. محاضرة الإمام في دار جمعية مكارم الأخلاق الإِسلامية بالقاهرة يوم ١٢ ربيع الأول ١٣٤٦ تضمنت الرد على مقالة على عبد الرازق التي كان نشرها في جريدة "السياسة"، ونشرف المحاضرة في رسالة مستقلة.