للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخلافة الإسلامية (١)

يرمي الإِسلام في هدايته على تعليم النفوس كيف تعمل على نظام، وتسير في استقامة، وليس بالخفي أن كثيراً من الناس لا تلين قناته للموعظة، ويرخي لأهوائه الشكيمة، وهو يشعر بأنها تخوض في باطل، وتجمح به إلى عاقبة وخيمة. فكان من مقاصد الإِسلام: إقامة دولة تحمي بما لها من الشوكة وعزّة الجانب ذمارَ الذين يأوون إلى ظله، وتقيم سننه على قاعدة صحيحة. وأول لبنة وضعها صاحب الرسالة - صلوات الله عليه - في أساس هذا الغرض الأسمى: ما أخذه على الأوس والخزرج من عهد البيعة على أن يكونوا أنصاره إلى الله، ثم واصل العمل بما قام به من جهاد يدافع به مهاجماً، أو يبادر به متحفزاً لقتاله، إلى أن انتهت وظيفة الوصي، وصعدت تلك الروح الكريمة إلى مقام ربها الأعلى.

صدرت عنه - صلى الله عليه وسلم - أحاديث في معنى الوصاية بنصب أمير يقوم مقامه في تدبير المصالح العامة؛ كحديث البخاري: "إن هذا الأمر في قريش ما أقاموا الدين "، وحديث مسلم: "إذا بويع لخليفتين، فاقتلوا الآخر منهما"، وكذلك عرف أصحابه أنهم لا يملكون عزتهم من بعده، ولا يتمكنون من التمادي


(١) مجلة "البدر" - الجزء الرابع من المجلد الثاني الصادر في منتصف ربيع الثاني ١٣٤٠ هـ - تونس.