جنود الحق، وأنصار الفضيلة، وتكريم الله لهم في هذه الحياة، وتلك الحياة خير وأبقى.
* خطبة الإمام في حفل افتتاح فرع جمعية الهداية الإسلامية بالجيزة (١):
أيها السادة! من الذي لا يدري أن المسلمين كانوا أقوم الأمم سيرة، وأسعدها حياة، وأشرفها مظهراً، يفجرون ينابيع العلم إذا فكروا، ويرفعون لواء الظفر إذا دافعوا، ويبسطون ظلال العدل إذا حكموا، وهم الذين أحكموا صناعة السياسة الممزوجة بالرفق، المحوطة بالحزم، يعرف ذلك شبانهم كما يعرفه شيوخهم، ويشهد به خصومهم كما يشهد به أعقابهم. فلست في حاجة إلى أن أعرض على حضراتكم صفحة من تاريخهم المجيد، وإنما أريد أن أذكركم بأن ذلك الانقلاب الخطير، بل الإصلاح الذي لا يعرف له التاريخ من نظير، لم يكن صنع مفكر عبقري، ولا نتيجة تدبير بشري، وإنما هو أثر الحكمة التي نزل بها القرآن الكريم، وجرت على لسان ذلك الرسول العظيم - صلى الله عليه وسلم -.
فتح المسلمون الشرق والغرب، وحملوا إلى الأمم إصلاحاً لم تحمله إليها أمة من قبل ولا بعد، وحدث بعد هذا أن تزعزعت أركان عظمتهم، وكسفت شموس فخارهم، فإذا هم في ظلمات بعضها فوق بعض، فلم تبق لهم عين تبصر ماذا تعده الأمم الأخرى من قوة، ولم تبق لهم أذن تحس ما تبيته تلك الأمم من خطط الهجوم، فصاروا في غفلة وغيرُهم في يقظة،
(١) مجلة "الهداية الإسلامبة" - الجزء الثاني عشر من المجلد السادس. احتفلت الجيزة بافتتاح نادي فرع جمعية الهداية الإسلامية فيها مساء الأحد ٢٣ جمادى الآخرة عام ١٣٥٣ هـ، وألقى الإمام هذه الخطبة.