"وخلاصة ما يرمي إليه المقال (يعني: مقال الشيخ شلتوت): أن الذي يعد شرعاً دائمًا: هو ما يرجع إلى شخصيات الرسول من العقائد، وأصول الأخلاق، والعبادات، وما عدا ذلك مما يرجع إلى شخصية الإمام أو المفتي أو القاضي، فليس بشرع دائم، وإنما هو شرع مؤقت يمكن أن يتأثر بالاجتهاد، وأن يترك العمل به لسبب من الأسباب". والتوقيع "عالم".
قرأت هذه الكلمة، فدعتني بإلحاح إلى أن أطلع على مقال الأستاذ محمود شلتوت عضو جماعة كبار العلماء، ووكيل كلية الشريعة؛ لأتبين أمر هذا الذي يعزوه إليه كاتب تلك الكلمة، فأحضرت ذلك المقال المنشور تحت عنوان:"الهجرة وشخصيات الرسول"، وقرأته قراءة خالي الذهن مما قيل فيه، فما لبثت أن لاقتني جمل صيغت في قالب ذي وجهين، وأطلَّت عليَّ آراء قلت لما لمحتها: أما وجدت هذه الآراء وادياً غير هذا الوادي، أو عهداً غير هذا العهد؟ وأمسكت بالقلم ناقداً لها بعدل، مناقشاً لها بإنصاف.
وسأرسلك - بتوفيق الله تعالى - الطريقة التي اخترتها لنفسي في مناقشة ما يبدو لي أنه جدير بالمناقشة، فأنقل عبارات كاتب المقال بأعيانها؛ لأسير أنا والقارئ في النقد جنباً لجنب، ولا أظلم صاحب المقال، ولا أظلم الحق أو العلم.
* اتجاه الوحي بمكة:
ذكر كاتب المقال: "أن الوحي كان له اتجاهان: اتجاه قبل الهجرة، واتجاه بعدها، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يساير الوحي في هذين الاتجاهين، ويحتفظ بما يؤدي إلى الغاية منهما، وابتدأ بالحديث عن اتجاه الوحي في مكة، ثم