للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمذاهب التي لا يتقلدونها، هذا إنما يقع في الغالب ممن اكتفى بقراءة الفروع في مذهبه، فهو؛ لجهله بغيره من المذاهب، يحملها على ضعف المدرك، والرمي بها على غير بينة، أما من طالع جملة في شرح الحديث والتفسير، ونظر في كتب الخلاف، فإنه يقف على مدارك الأئمة، ويراهم كيف يتحرون مقصد الشريعة، ويستندون فيما يقررونه من الأحكام إلى الدلائل المنصوبة من قبل الشارع، وإذا سبق له أن هذا قد أحكم الاستدلال في قضية، فقد يظهر له أن الآخر قد أصاب المفصل في قضية أخرى.

* النزول في أزمير:

رست الباخرة على "أزمير"، فسألت طائفة من رفقائنا: هل سبقت لهم معرفة بدخولها؟ فذكر بعضهم أنه أتى عليها مرتين أو ثلاثاً، ولم يتفق له النزول إلى داخلها، فقلت: ننزل قضاء لحق الجغرافيا، فانحدرنا في زورق، وتجولنا بها مقدار ساعتين، ثم انقلبنا إلى الباخرة، وصاحبنا في الزورق عند معادنا أحد المدرسين بقرية قريبة من أزمير، فخاطبه رفيق تركي بلغته، وقال له مشيراً لي: هذا يتكلم بالعربية، فنطق ذلك المدرس بلسان عربي قائلاً: "أنا لا أفهمه إلا إذا خاطبني بالعربية الفصحى"، فتجاذبنا طرف الحديث، إلى أن وصلنا إلى الباخرة.

* الوصول إلى إستنبول:

عرجت الباخرة على جزيرة "رودس"، وأقامت تجاهها نحو ثلاث ساعات، ثم أقامت وسارت إلى أن ولجت "بوغاز الدردنيل" فسبحت فيه ليلة ونصف يوم إلى الآستانة، وألقت مراسيها قريباً من الرصيف، فانحدرنا في زورق إلى إستانبول، فلقينا فضيلة المحقق الهمام الشيخ سيدي محمد