للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى من فوقهما، فينظر فيه، وينفذان ما اتفقا عليه، ولولا اشتراكهما، لما قال: "تطاوعا ولا تختلفا".

واقتفى أثر هذا المنهج أمير تونس زيادة الله بن الأغلب (١)، فقلّد أسد ابن الفرات (٢)، وأبا محرز محمد بن عبد الله الكناني القضاء على أن يكونا شريكين في فصل النوازل، ولم يعلم قبلهما بالبلاد التونسية قاضيان في مصر (٣).

هذه أمثلة اقتبسناها من تعاليم الإسلام؛ ليطلع القارئ الكريم على أن مبادئه القضائية واقعة من العدل موقع الروح من الجسد، وأن القضاء في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان على سنّة مُحكمة، وإذا زعم منتمٍ للإسلام: أن نظماً يتطلبها العدل، أو يتوقف عليها حفظ الحق كانت مهملة في عهد النبوة، فإنه يقف له من التاريخ، ثم من مقام الرسالة مِدْرهٌ يطعن في زعمه، ويقيم الحجة على ريائه.

* المالية في عهد النبوة:

أموال الدولة بحكم الكتاب والسنّة: الصدقات، والجزية، والفيء، وخمس الغنيمة، وهي موارد بيت المال لعهد النبوة.

أما الصدقات، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعمل عليها عمالاً بأحكامها؛ "إذ


(١) زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب (١٧٢ - ٢٢٣ هـ = ٧٨٨ - ٨٣٨ م) رابع الأغالبة أصحاب أفريقية. توفي بالقيروان.
(٢) أسد بن الفرات بن سنان (١٤٢ - ٢١٣ هـ = ٧٥٩ - ٨٢٨ م) من القادة الفاتحين، وقاضي القيروان. ولد بحرّان، وتوفي من جراح في حصار سرقوسة.
(٣) "طبقات علماء أفريقية" لأبي العرب محمد بن أحمد بن تميم (ص ٨٤) طبع الجزائر.