والنحو، والصرف، والتوحيد، والفقه، والفرائض، لكن السؤال في هذا الفن الأخير كان من قييل المسائل التي يوردها الفرضيون في قالب الألغاز، ويتخلل هذا الاحتفال فترات يترنم فيها التلامذة بأناشيد وطنية.
* خضاب الشيب:
وممن تواصل بيننا وبينهم اللقاء: الأديب السيد رشيد الرافعي من العائلة الرافعية الشهيرة بطرابلس الشام، وهو أحد الأذكياء الذين استقوا معارفهم من الأزهر، وعكفوا على التحرير بالجرائد. جلسنا يوماً بدكان لشراء متاع، فقص علينا بعض الأميين أنه يوجد خضاب للشيب يبقى ساتراً لبياضه سنين، فالتفت إليّ السيد رشيد مستطلعاً رأي في هذا الحديث، فسقت لهم من "عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء والفضلاء ببجاية"(١) ذكرى في ترجمة أبي العباس الجدلي: أنه وصل إلى أفريقية في خلافة المستنصر بالله، وسأله عن البلاد التي دخلها، والغرائب التي اطلع عليها، فمن جملة ما ذكر: أنه رأى ببلاد الهند صبغة إذا خضب بها الخاضب يقيم الثلاثين سنة لا يفتقر إلى خضاب، وكان من جملة الحاضرين بالمجلس "المروزي" من فضلاء الأطباء، فأنكر هذه القضية، وأنكرها الخليفة؛ لأن هذا إما أن يمنع نمو الشعر، أو يحيل الطبيعة بأن يؤثر هذا الصبغ في الشعر الذي ينبت من بعده، ولم يتفق له اجتماع بعد ذلك بالخليفة، وهكذا ينبغي للرجل أن لا يفتح سمعه لقبول الروايات إلا بعد أن يضعها على محك النظر والاعتبار، ثم التفت السيد الرشيد إلى ذلك الرجل، وأعاد عليه القصة بعبارات يفهمها.
(١) مؤلفه أبو العباس الغبريني المتوفي عام ٧١٤ هـ - ١٣٠٤ م.