للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك المفضل الضبي ثقة: "كان أوثق من روى الشعر من الكوفيين، وكان يختص بالشعر، وقد روى عنه أبو زيد شعراً كثيراً" (١)، وهذه "المفضليات"، وهي نحو مئة وعشرين قصيدة، قد جاءت من طريق المفضل الذي روي عنه أنه قال: قد سلّط على الشعر حمّاد الراوية، فأفسده.

ثم إن الطبقة التي خلفت من بعد هؤلاء ث كأبي زيد الأنصاري، وسيبويه، والكسائي، كانوا يروون عن فصحاء الأعراب، من أفواههم إلى أسماعهم، ولا يكون هناك خلف، ولا حمّاد.

والمؤلف انخدع في هذه الكلمات بأمثالها من مقال (مرغليوث)، وقد قال المستشرق (تشارلس لايل) في ردها: "نرى الفرق بين حمّاد والمفضل في نظر الرواة عظيماً، وأن ما جمعه المفضل بعيد عن الشك وتزوير حمّاد، ولا يوجد سبب معقول يجعل حمّاداً مثال المنابع الأخرى التي مر بها الشعر العربي حتى وصل إلى التدوين".

* القدماء من الزنادقة وإخوانهم في هذا العصر:

ذكر المؤلف صداقة حمّاد الراوية لحمّاد عجرد، وحمّاد الزبرقان، ومطيع بن إياس، وصداقة خلف لوالبة بن الحباب، وأستاذيته لأبي نوّاس.

وقال في (ص ١١٩): "وكان هؤلاء الناس جميعاً في أمصار العراق الثلاثة مظهر الدعابة والخلاعة، ليس منهم إلا من اتُّهم في دينه، ورمي بالزندقة، يتفق على ذلك الناس جميعاً. لا يصفهم أحد بخير، ولا يزعم لهم أحد صلاحاً في في دين أو دنيا".


(١) "مراتب النحويين" لأبي الطيب اللغوي، نسخة بالخزانة التيمورية.