للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تطالع تاريخ القدماء من الزنادقة، فتجده مطابقاً من أكثر الوجوه لحال إخوانهم في هذا العصر، يقول الجاحظ وغيره في تلك الطائفة: كانوا يجتمعون على الشراب، ويأتون المنكر، ويدعون إلى غير العفاف، وإذا رأيت طائفتهم الجديدة على هذا المثال من الهزل والفسوق، وتزيين التهتك في أعين الشباب، قلت: ما أشبه الليلة بالبارحة!.

تقرأ فيما يتحدث به عن أولىك القدماء: أن يونس بن فروة: "كان كتب كتاباً لملك الروم في مثالب العرب وعيوب الإِسلام بزعمه" (١). وقد أصبحنا نرى من أوليائهم في هذا العصر من يصرف همه بعد الطعن في الإِسلام إلى التنكر لمجد العرب، والاحتيال على إراءة رجال هذه الأمة في صورة مشوهة!.

والقرامطة "طائفة من المجوس راموا عند شوكة الإِسلام تأويل الشرائع على وجوه تعود إلى قواعد أسلافهم، ولهم في الدعوة مراتب: الذوق، وهو تفرس حال المدعو: هل هو قابل للدعوة، أم لا؟ ثم التأنيس باستمالة كل واحد بما يميل إليه من زهد وخلاعة، ثم التشكيك في أركان الشريعة" (٢).

ويحاكيهم في هذا أولياؤهم من ملاحدة هذا العصر؛ فإنهم يختبرون حال المدعو، فإن أنسوا منه جهالة أو غباوة، عرضوه على شيء من هذه الكتب التي تلبس حق الإِسلام بالباطل، والتي اغترف منها المؤلف في هذا


(١) "الحيوان" للجاحظ (ج ٤ ص ١٤٣).
(٢) السيد في "شرح المواقف" (ج ٨ ص ٣٨٩).