امتطينا الباخرة الخديوية مساء هذا اليوم، وتعارفنا فيها بالشيخ عبد القادر ابن الشيخ زاده أحد علماء طرسوس (١)، فأرانا السكينة في أحسن تقويم، وما برحنا نروح الخاطر بمحادثته إلى أن رست الباخرة أمام بلد "يافا"، فغرب عنا بدر فضله بعد أن أعطانا ملء صدورنا أنساً.
* جولة قصيرة في حيفا:
وصعد إلى الباخرة من بلد "يافا" الفاضلان: السيد المختار بو هاشم التونسي، والشيخ موسى البديري أحدُ المدرسين بجامع القدس، وهو عالم استقى من الأزهر، ثم من مدارس الآستانة، وقد صحبنا صحبة ذي عهد قديم، وجاملنا مجاملة الصديق الحميم. نزلنا رفيقين إلى بلد "حيفا" لما أرست الباخرة تجاهها، وتجولنا يميناً وشمالاً، ثم آوينا إلى جامعها الكبير، ووقفنا على مشكاة يذكرون أن بها شعرات من آثار الحضرة النبوية، ورأينا في هذا الجامع أربع معلقات مقرراً فيها فرائض الصلاة، وسننها، ومستحباتها، ومكروهاتها، ومبطلائها، كل معلقة مرسومة على مذهب إمام من المذاهب الأربعة.
لبثنا في "حيفا" مقدار أربع ساعات، ثم ودعت رفقائي الفضلاء: السيد مسعود المحيرصي، وأخاه السيد عثمان، والسيد محمد القديدي، وانقلبنا إلى الباخرة.
كنت أسمع كثيراً من الناس يذكرون الصخرة بالقدس، ويعتقدون بأنها