والافتراض المشار إليه في الحديث يجري في العقائد، والأمر فيه واضح.
أما الافتراق في أعمال تفعل على أنه شرع، فإن كان عن اجتهاد معتد به، فليس بموضع للذم والوعيد؛ لأن هذا الاجتهاد مأذون فيه شرعاً، وإن كانت المخالفة عن رأي فاسد، أو هوى غالب، وبلغت هذه الأعمال المبتدعة أن صارت شعار فرقة من الأمة، فالحديث يتناولها بوعيده؛ كما تناولها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار".
* عوامل هذا الانقسام:
نبحث عن عوامل انقسام المسلمين إلى فرق، فتبدو لنا وجوه كثيرة:
أحدها: الخطأ في فهم بعض الآيات أو الأحاديث، ويرجع إلى هذا القبيل التمسك ببعض المتشابه من النصوص، وردّ المحكم إليه بطريق التأويل (١).
ثانيها: اعتداد الشخص برأي يسبق إلى ذهنه، أو يتلقاه من غيره، فيعتقد أنه أصل صحيح، حتى إذا وجده مخالفاً لنصوص القرآن أو السنة، أخذ في تأويلها بما يوافق رأيه، ولو على وجوه بعيدة.
ثالثها: تشبث الشخص بحديث ينقل إليه، فيحسن الظن بروايته، ويكون الحديث مصنوعاً.
(١) المحكم: الأصل المعروف في معظم الشريعة، والواضح المعنى الذي لا يحوم عليه اشتباه. والمتشابه: ما يجيء في بعض المواضع، ويكون بظاهره مخالفاً لذلك الأصل الواضح، ويجري في الإلهيات وغيرها.