للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام والفلسفة (١)

سار الإِنسان في حياته على ما أودع الله في فطرته من القوة الناطقة، وذهب يفكر في حقائق الموجودات، ويكشف عن وجه تباينها في الطبائع، واختلافها في الآثار. ولم يزل يرفع الحجاب عن مخبآتها، ويقف على أسرارها، إلى أن أخذ يرسم لها حدوداً، ويقرر لها قوانين وسنناً، وهذا هو العهد الذي يعده المؤرخ مبدأ لنشأة الفلسفة، وأول حلقة في سلسلة أدوراها.

فالفلسفة: العلم بحقائق الموجودات وأحوالها على ما هي عليها بقدر ما تسع الطاقة البشرية، ومدارها على النظر فيما وراء الطبيعة، ثم الرياضيات والطبيعيات والكيمياء، وعلم التكوين وعلم النفس، وعلم النظام والاجتماع.

خفقت ريح الفلسفة في بعض البلاد الشرقية؛ كمصر، والهند، وجالت في أندية اليونان أمدًا بعيداً، وما برحت تنتثر من أفواه الأساتيذ، وتلتقط من صحائف المؤلفين، إلى أن طلع كوكب الهدي الإسلامي، وتدفقت أشعته على البصائر النقية، وما لبثت الفلسفة أن التقت بذلك التعليم السماوي، والتحقت بالعلوم الخادمة له في تأييد قواعد السياسة ونظام الاجتماع.

لا يذهب إلى أن الإسلام يتجافى عن الفلسفة سوى رجل التقم ثديَ


(١) مجلة "البدر"- الجزءان السادس والسابع في عدد واحد من المجلد الثاني، المصادر في منتصف رجب ١٣٤٠ هـ - تونس.