الدين، وهو يعلم أن معنى الخلوص من الشيء: النجاة، والسلامة منه، ولا عجب أن يخيل المؤلف الإسلام في صورة ما ينبغي للناس أن ينجوا بأنفسهم من تأثيره؛ فإنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وهذا ما يؤذي العقلية التي "أخذت منذ عشرات من السنين تتغير، وتصبح غربية".
* ظهور العرب على العالم بالإسلام:
قال المؤلف في (ص ٤٧): "هم مسلمون لم يظهروا على العالم إلا بالإسلام، فهم محتاجون إلى أن يعتزوا بهذا الإسلام، ويرضوه ويجدوا في اتصالهم به ما يضمن لهم هذا الظهور، وهذا السلطان الذي يحرصون عليه، وهم في الوقت نفسه أهل عصبية، وأصحاب مطامع ومنافع، ويلائموا بينها وبين منافعهم ومطامعهم ودينهم".
لم يظهر العرب على العالم إلا بالإسلام، وهم محتاجون إلى أن يعتزوا به ويرضوه، وكانوا يجدّون في اتصالهم به، ليقينهم بأن هذا الاتصال يضمن لهم الظهور والسلطان والسعادة في الآخرة والأولى. وكثير من رجال هذه الأمة النجيبة أرضَوا الإسلام، وجدوا في اتصالهم به من قبل أن يظهروا على العالم، ومن قبل أن يكون له سلطان، بل أرضوه، وجدّوا في اتصالهم به يوم كانوا يلقون من الذين أشركوا أذى كثيراً، ويوم كانوا يقاسون مضض الغربة عن أوطانهم، ويوم كانوا يخافون أن يتخطفهم الناس.
فالتاريخ يشهد بأن في العرب رجالاً أنفقوا في سبيل الإسلام كل ما استطاعوا من قوة، وسيرتهم تنطق بأنهم أقاموا الدعوة إليه بعقيدة أنه هداية ومنبع سعادة، وسواء عليهم بعد ذلك الجهاد الحق أن يعيشوا به أعزّاء، أو يموتوا شهداء، فإذا أرضى أولئك الرجال الإسلام، فإنما أرضوا الإنسانية،