للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السُّنّة والبدعة (١)

شرع الله الدين الحنيف في سماحة وحكمة، فلم يأت بما فيه حرج، أو بما ينبو العقل السليم عن قبوله، وكانت هذه السماحة والحكمة من أسباب انتشاره في المعمورة، وظهوره على الأديان كلها في أعوام معدودة، وحيث بلي بعض الشرائع من قبل، فدخلها فساد التبديل والتأويل، اشتدت عناية الشارع بتحذير الناس من أن يحدثوا في الإِسلام ما ليس منه. قال - صلى الله عليه وسلم -: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رَدّ" (٢) وقال: "كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" (٢).

ولم يخلص الدين - مع هذه الزواجر - من طوائف يلصقون به ما ينافي سماحته، أو ما يشوّه وجه حكمته، وقد كئرت هذه البدع حتى حجبت جانباً من محاسنه، وكان لها أثر في تنكر بعض القلوب لهدايته، وهذا ما حمل كثيراً من أهل العلم على أن يتناولوا البدع بالتأليف خاصة؛ كما فعل أبو بكر الطرطوشي، وأبو إسحاق الشاطبي، وغيرهما من رجال الدين.

وللبحث في البدع مجال واسع، ونحن نلم في هذا المقال بالقدر الكافي لإجابة رسائل اقترح أصحابها على المجلة بيان ما هو سنّة، وما هو بدعة،


(١) مجلة "نور الإسلام"- الجزآن الثامن والتاسع من المجلد الثاني، شعبان ١٣٥٠ هـ.
(٢) "صحيح الإِمام البخاري".