ولا أحسب أمة يوجد فيها أمثال هؤلاء النبغاء، يروج بينها ما يضعه المتعصبون على الإسلام للتصغير من شأنه دون أن يجد ناقداً ومفنداً.
* التفريق بين العقل والقلب:
قال المؤلف في (ص ١٣): "ولو أن القدماء استطاعوا أن يفرقوا بين عقولهم وقلويهم، وأن يتناولوا العلم على نحو ما يتناوله المحدثون، لا يتأثرون في ذلك بقومية ولا عصبية ولا دين، ولا ما يتصل بهذا كله من الأهواء، لتركوا لنا أدباً غير الأدب الذي نجده بين أيدينا، ولأراحونا من العناء الذي نتكلفه الآن".
كأن لم يبق في المؤلف رمق من احترام التاريخ، فأخذ يتحدث عن القدماء في هذه النزعة المتناهية غلواً يشبه غلو اللعّانين في الأسواق! في القدماء من استطاعوا أن يفرقوا بين عقولهم وقلوبهم، وفي المحدثين من تضاءلت عقولهم حتى تفانت تحت سلطان أهوائهم، ولكن المؤلف لا يصدق أن أحداً فرق بين قلبه وعقله حتى يخرج على الدين ولو في كل بحث مرة أو مرتين.
وليس من الميسور أن تجادله بالتي هي أحسن ما دام قانعاً بأن كل من يعتنق ديناً قامت الآيات البينات على صحته، لم يضع بين عقله وقلبه حاجزاً، وأن من يسوق الشاهد من "الأغاني" ونحوه، دون أن يبحث في رواته، ويدري صحة طريقه، فذلك الذي جعل بين عقله وقلبه سداً لا تستطيع العاطفة أن تظهره، ولا تستطيع له نقباً.
* لا تثريب على القدماء:
قال المؤلف في (ص ١٣): "فلندع لوم القدماء على ما تأثروا به في