من العرب من كانوا يعبدون الجن، قال أبو المنذر في كتاب "الأصنام": كانت بنو مليح من خزاعة يعبدون الجن، وهم المشار إليهم بقوله تعالى:{بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ}[سبأ: ٤١]
وقال ابن عطية في تفسير هذه الآية: "يجوز أن يكون في الأمم الكافرة من عبد الجن، وفي القرآن آيات يظهر منها أن الجن عُبدت، في سورة الأنعام، وغيرها، ومن آيات الأنعام الظاهرة في هذا قوله تعالى:{وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ}[الأنعام: ١٠٠]، وجاء في سورة الجن:{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}[الجن: ٦]؛ أي: زاد الرجال العائذون الجن رهقاً؛ أي: تكبراً، أو عتواً، ذلك أن الرجل منهم إذا أمسى في وادٍ قفر، وخاف على نفسه، نادى بأعلى صوته: يا عزيز هذا الوادي! أعوذ بك من السفهاء الذين في طاعتك.
وجاء في هذا من الشعر قول بعضهم:
قد استعذنا بعظيم الوادي .... من شر ما فيه من الأعادي
فلم يجرنا من هزبر عاد
والاستدلال على أن في العرب من كانوا يعبدون الجن بآية:{بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ}[سبأ: ٤١]؛ غير ظاهرة فإن سؤال الله تعالى للملائكة عن عبادة الإنس لهم يشعر بأن هناك جماعة من الإنس يتوجهون بعبادتهم إلى الملائكة، فيكون جواب الملائكة بأن هؤلاء إنما كانوا يعبدون الجن، غير مناسب السؤال إلا على أحد الوجوه التي أوردناها في بحث عبادتهم للملائكة.