ورد نبأ من القاهرة يعلن وفاة علم من الأعلام الذين أنبتهم وطننا التونسي، ثم قدمهم إلى الشرق العربي مفاخراً ومعتزاً.
هذا العلم هو فضيلة العلامة الجليل والبحاثة الفذ والنبراس المنير، شيخ الشيوخ، وطود الرسوخ، الأستاذ الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر السابق، وعضو هيئة كبار العلماء في الجامعة الأزهرية، وعضو المجمع اللغوي العربي بمصر.
والفقيد على مكانته العلمية الفائقة رجل عمل وإصلاح، طوى حياته على تقوى ورضوان من الله، يخشى ربه، ويقدر واجبه كعالم، ويعمل لصلاح أحوال الإِسلام والمسلمين في نطاق الدين وفي دائرة ما أمر به الله.
لا يخشى في الحق لومة لائم، ولا يأبه لما قد يصيبه بعد قولة الحق. وقد لازمته هذه الخلال الطيبة منذ عهد شبابه، ودفعت به إلى الهجرة من وطنه ومسقط رأسه، فجاب البلاد الإِسلامية المختلفة عاملاً في سبيل ما أخذ نفسه من العمل لصلاح أحوال المسلمين وجمع شتاتهم، جاعلاً نصيباً كبيراً من سعيه موقوفاً على خدمة وطنه الأصلي وخدمة بنيه الذي يحطون رحالهم في أي بلد يكون فيه. وكان من نتائج جهاده في سبيل تونس أن حكم عليه قضاء الاستعمار بالموت غيابيًا، وباستصفاء مكاسبه في مسقط رأسه، فما أبه لذلك