التحق النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرفيق الأعلى وقد أورث الناس ديناً ساطع الحجج، محكم الآيات، فساروا في ضوئه أمة واحدة، لا يختلفون في شيء يرجع إلى العقائد حتى آخر خلافة عثمان - رضي الله عنه -، حيث حميت تلك المناقشات السياسية، واتخذها مرضى القلوب أمثال عبد الله بن سبأ ذريعة إلى فتنة يكيدون بها الإسلام، ففتحوا بابها بقتل الخليفة، ونشأت خلافة علي - كرم الله وجهه -، وغبار الفتنة ثائر، فتولدت تحت مثاره آراء سياسية، ثم جعلت تلك الآراء تتحول إلى مذاهب دينية، ودبّ في النفوس مرض الاختلاف، ومن هذا الاختلاف ما يرجع إلى أصول العقائد، فيحل عروة الإيمان، ومنه ما يرجع إلى فروعها، فلا يزيد على أن يسمى: انحرافاً عن الصواب.
كثرت الفرق، وتعددت الألقاب، فوهن حبل الاتحاد الإسلامي، ولولا هذا التفرق، لبلغ الإسلام من القوة فوق ما بلغ، وارتقى في السيادة ذروة فوق التي ارتقى.
ومن هذه الفرق: فرقة يغلون في التشيع للإمام علي - كرم الله وجهه -.
ومن أبعدهم في هذا الغلو: نزعة السبئية أتباع عبد الله بن سبأ الذي
(١) مجلة "نور الإسلام" - الجزء الخامس من المجلد الثالث.