للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحرية في الإِسلام (١)

سنحت لي من بين الشواغل فرصة فانتهزتها، وأقبلت ببصري على سماء الإسلامية أقلبه في مطالعها يميناً ويساراً، وأطالع من دلائلها الصادقة


(١) قدم الإمام محاضرته بالكلمة التالية:
أيها الفضلاء! إن لكل شيء سبباً، ولكل غرض باعثة، والذي أخذ بيدي إلى هذا المنتدى الأدبي، وبعث عزيمتي إلى تحرير ما سنلقي عليكم بيانه، أنّ صديقنا السيد خير الله رئيس هذه الجمعية "جمعية قدماء تلامذة الصادقية" خيّل له ظنه الجميل: أني صاحب مكانة في انتخاب جواهر الأسمار، وتأليفها على وجه يكون أقرب إلى القبول وأدعى إلى التأثير، فخاطبني على أن أضع مسامرة تنطبق على الخطة التي رسمتها الجمعية لنفسها، وأقدمها هدية إلى مسامعكم الزكية بلسان عربي، وأسلوب حكيم.
تلقيت ذلك الخطاب بواسطة صحيفة من صديقي النحرير الشيخ السيد محمد الطاهر بن عاشور رئيس هذه الحفلة الجامعة، أرسل بها إلى حيث طوحت بي طوائح القضاء المحتوم، فاستوقفت له خاطري وقفة المتردد، واستلفتُّ له نظري لفتة المتروي لما يرد على فكري من القضايا التي لم تبق لي مثقال ذرة من الوقت شاغرًا، والشواغل التي من شأنها إذا لبست فكرة، ذهبت بها في جانب يبعد عن ناحية هذا الغرض بمراحل واسعة، فمتى قلبته في هذا الميدان، أخشى أن تقيده حبسة أو يثنيه جماح، ولا سيما حين يلجّ به الغوص في بعض المواضيع التي يبعد شأوها، ويعلو مرتقاها. =