فقد حدثوك عن أبي عبيدة بأنه شعوبي يبغض العرب، وينشر مثالبهم، وأروك أنه يجمع في أخبار العرب غثاً وسميناً؛ حتى لا تتلقى كل ما يرويه في هذا الشأن على أنه واقع حقاً، وقالوا لك: إنه ثقة فيما يرويه عن العرب من الغريب، حتى لا ترتاب فيما يجيئك على طريقه من كلم يعزوها إليهم، فقد بلوه وألفوه لا يقول في اللغة كذباً.
قالوا: إن أبا عبيدة أوسع علماء عصره رواية لأيام العرب وأخبارها، وأنه كان يجمع الغثّ والسمين، ولم يقولوا كما قال المؤلف: إنه الذي يرجع إليه العرب فيما يروون من لغة وأدب؛ فإن هذا التعبير ظاهر في أن سند اللغة والأدب إنما يتصل به، والواقع أن علماء اللغة والأدب الذين تقدموا أبا عبيدة، أو عاصروه في الطلب، وتلقت عنهم طبقة من بعدهم، ليسوا بقليل، ومن هؤلاء: الخليل بن أحمد، ويونس بن حبيب، وأبو عمرو بن العلاء، والمفضل الضبّي، وأبو زيد الأنصاري والأصمعي، وسيبويه، والكسائي، وأبو عمرو الشيباني، وابن الأعرابي، وأمثالهم.
وأخبار أيام العرب كانت تروى من قبل أبي عبيدة، فقد وصفوا قتادة ابن دعامة السدوسي بأنه كان عالماً بأنساب العرب وأيامها، وقالوا: لم يأتنا عن أحد من علم العرب أصح من شيء أتانا عن قتادة (١). وقتادة هذا من الرجال الذين أخذ عنهم شيوخ أبي عبيدة.
* علماء الموالي والإِسلام:
قال المؤلف في (ص ١١٤): "وأما غير أبي عبيدة من علماء الموالي