ومتكلميهم وفلاسفتهم، فقد كانوا يمضون في ازدراء العرب إلى غير حد، ينالونهم في حروبهم، ينالونهم في شعرهم، ينالونهم في خطابتهم، وينالونهم في دينهم أيضاً. فليست الزندقة إلا مظهراً من مظاهر الشعوبية".
من يقف على الحالة العلمية للعهد الأول، ويلم بحياة الرجال القائمين بها من عرب وعجم، يعرف صحة قول ابن خلدون في مقدمته: "إن حملة العلم في الإِسلام أكثرهم العجم"، ويدري بعد هذا: أن الكثرة المطلقة من أولئك العجم كانوا برآء من هذا الذي يدسه المؤلف في صدور طلاب العلم بالجامعة.
يقول المؤلف: إن الكثرة المطلقة من العلماء الذين انصرفوا إلى الأدب واللغة والكلام والفلسفة كانوا من العجم الموالي. ويقول: كان هؤلاء العلماء والمناظرون أصحاب ازدراء للعرب، ونعي عليهم، وغضّ منهم، ثم يصف هذه الكثرة المطلقة المؤلَّفة من العجم الموالي بأنهم كانوا يمضون في ازدراء العرب إلى غير حد، وأنهم كانوا ينالون العرب في حروبهم وشعرهم، وخطابتهم ودينهم.
قد سردنا عليك أسماء طائفة من هذه الكثرة المطلقة التي يرميها المؤلف بوصمة عدم الإخلاص للعرب أو الإِسلام، ويذهب به الافتيات على التاريخ إلى أن يقول لك: ينالونهم في دينهم. ومن ذا يصدق بن أمثال سيبويه، وأبي عبيد القاسم بن سلام، والكسائي، والفرّاء، وابن الأعرابي، وأبي عمرو الشيباني تنال ألسنتهم أو أقلامهم من دين الإِسلام؟!.
ولم تكن الكثرة في علماء الكلام والفلسفة للموالي، وإنما الكثرة المطلقة للعجم، وليس كل العجم موالي، ومن العجم أو الموالي من لا يفضِّل