قال المؤلف في (ص ٥٥): "وأما يزيد، فقد كان صورة لجدّه أبي سفيان، كان رجل عصبية وقوة وفتك، وسخط على الإسلام، وما سنّه للناس من سنن".
يصف المؤلف يزيد بالسخط على الإسلام، وما سنه للناس من سنن، وهذا أحد آراء في يزيد بن معاوية، ومنهم من كان يزعم أنه من الخلفاء الراشدين، وكلا القولين باطل يعلم بطلانه كل عاقل (١). فلم يكن يزيد ملكاً ملحداً، ولا خليفة راشداً، بل كان ملكاً يأخذه الهوى بالإثم، وقد يلقي به الغضب في سياسة عرجاء، ومن يخلص نفسه من شهوة تكثير المارقين، ويجردها من داعيتي التعصب للأمويين، أو التحامل عليهم، ثم ينظر في تاريخ يزيد من كل ناحية، يصل إلى أنه لم يكن من الملوك الراشدين، ولا يستطيع أن يحكم عليه بأنه من قوم لا يؤمنون.
فالمؤلف يرمي أبا سفيان ويزيد بالسخط على ما سنّه الإسلام من سنن، ويستند في هذا إلى استنباط أشبه شيء بالسراب، أو قصة يتفق المحققون على وضعها، وكان حقاً عليه ألا يحرمهما من التأويل الذي ابتغاه لنفسه، ولم يتق وصمته الخلقية، وسقطته العلمية، وهو أن الإيمان بالقرآن، والتكذيب به قد اجتمعا له في وقت واحد، فهو مسلم بقلبه، جاحد بعقله، واعتقاد أن النقيضين لا يجتمعان، إنما يوجد في أدمغة أنصار القديم.
* وقعة الحرَّة:
قال المؤلف في (ص ٥٥): "وأنت لا تنكر أن يزيد هو صاحب وقعة